قبل عقدين من الزمن أو يزيد قامت أمانة العاصمة المقدسة
بمنح عدد من المواطنين من ذوي الدخل المحدود قطع أراض سكنية في جنوب مكة المكرمة على طريق الليث بمنطقة تم تخطيطها وعرفت لاحقا باسم «مخططات ولي العهد»
تضم نحو 9 مخططات، فتحولت معها المنطقة من رملية خالية من الحياة إلى سكنية أخذت الحياة تدب بها بعد أن سكنتها عشرات الآلاف من الأسر التي كانت سعيدة نسبيا لا كليا نتيجة لغياب العديد من الخدمات الأساسية، إضافة لمعاناة الدخول والخروج من وإلى المخططات التي جاء موقعها بالجانب الأيسر للطريق المؤدي إلى الليث، مما يستلزم على السكان القادمين من مكة المكرمة الدوران للانتقال للجانب الآخر من خلال دوران واحد يؤدي لمداخل قرابة 4 مخططات!!
وهنا يأتي السؤال الأول هل يعقل أن يخصص مدخل واحد لـ4 مخططات سكنية؟ قد يكون السبب كما يقال عائد لوزارة النقل والخدمات اللوجستية، وتحديدا الهيئة العامة للطرق التي لم تسع لإيجاد حلول عملية لمداخل المخططات، سواء كان ذلك بتعدد الدورانات أو بإنشاء كوبري ينقل المركبات ما بين ضفتي الطريق، أما مرور العاصمة المقدسة فلا يمكن مطالبته بتنفيذ دوران، أو إنشاء كوبري، فمثل هذه الأعمال خارجة عن اختصاصه. وبعيدا عن الطريق الرئيس وما يشهده من مشاكل سير وحوادث، فإن المخططات من الداخل ليست بأحسن حال من خارجها، فالشارع الرئيسي الممثل للمخطط يفوق عرض جزيرته الوسطية عرض اتجاهي الطريق، فهل يعقل أن يكون الرصيف الوسطي أكثر عرضا من الشارع؟ وما يخشاه أصحاب الأراضي الواقعة على ضفتي الشارع أن يطالبوا مستقبلا بالارتداد عدة أمتار عند البناء لتتمكن السيارات من السير والوقوف، فيما تبقى الجزيرة الوسطية ممشى يفوق عرضها عرض مساري الشارع. أما أعمال السفلتة والإنارة فلا أقول أنها غائبة كليا، لكني أقول إن سيرها أبطأ من سير السلحفاة،
لذلك رأينا قيام أمانة العاصمة المقدسة أواخر مارس الماضي بتنظيم ورشة لمناقشة «تطوير مخططات المنح» بمقر الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة، برعاية أمين العاصمة المقدسة، وحضور وكلاء الأمانة ومديري الإدارات المعنية وعدد من المطورين والمستثمرين بالمنطقة، لمناقشة عدد «من صيغ تنفيذ وتطوير مخططات المنح بمكة المكرمة والتنسيق مع الجهات الخدمية الأخرى فيما يتعلق بتمديد خدمات البنى التحتية مثل الكهرباء والمياه»، وكنت آمل من الأمانة قبل أن تسعى للتنسيق «مع الجهات الخدمية الأخرى فيما يتعلق بتمديد خدمات البنى التحتية مثل الكهرباء والمياه»، أن تسعى للوفاء بوعدها وتعمل على نقل مقر بلدية جنوب مكة من موقعها الحالي بالشوقية، التي قال أمين العاصمة المقدسة – السابق – المهندس محمد القويحص، عام 2021 «إن استحداث بلدية جنوب مكة الفرعية، يأتي تماشيا مع المتغيرات التنموية والتطور العمراني والحضري الذي تشهده مكة المكرمة في نطاقها الجنوبي، ورغبة في الارتقاء بمستوى أداء العمل بالبلديات الفرعية بما يتلاءم مع سهولة متابعتها».
ووعد بنقلها بقوله «إنه سوف تنقل قريبا الى مخططات ولي العهد ولو كان ذلك باستئجار مبنى لها». غير أن كلمة «قريبا» جاءت بعيدة، فقد مضي على ذلك التصريح قرابة 3 سنوات، وما زالت بلدية جنوب مكة في موقعها السابق بحي الشوقية، داخل سور واحد مع بلدية الشوقية!! فكيف لبلدية جنوب مكة أن تقدم خدماتها وهي بعيدة عن موقعها الأساس؟ ولأن الحديث عن الأمانة وخدماتها، فإن سكان مخططات ولي العهد لا يطالبون أمين العاصمة المقدسة بما لا يمكن تحقيقه، فمطلبهم الأول والأساس أن يقف شخصيا على الموقع ليدرك حجم المعاناة التي يعانونها، والتي لا تنحصر في المعاناة الصحية نتيجة لتطاير الأتربة والأوساخ أثناء سير المركبات، ولا لغياب السفلتة والإضاءة ببعض المواقع، وانعدام الحدائق، بل ليعيش لحظات المعاناة النفسية التي يعيشونها نتيجة لغياب الكثير من مقومات الخدمات البلدية، وأبرزها صحة البيئة وانخفاض مستوى النظافة المؤدي لتكاثر البعوض والقوارض، والناتج عنه انتشار الأمراض خاصة لدى الأطفال، وعدم وجود مركز صحي قريب منهم، فأقرب مركز هو مركز صحي الكعكية الذي يبعد عن المخططات عشرات الكيلومترات. أما خدمات المياه والصرف الصحي والهاتف، فمن الممكن الصبر عليها حتى وإن طال الانتظار، لأن البديل متوفر حاليا، غير أن الاستمرار على البديل قد يؤدي مستقبلا لحدوث أضرار مالية على المواطنين نتيجة لارتفاع الأسعار، ومما يزيد من المعاناة عدم توفر مركز صحي، وهنا يسأل السكان متى يتم توفير الخدمات بهذه المخططات؟ ختاما، أقول أعان الله سكان مخططات ولي العهد، ومنحهم الصبر على معاناتهم، وحفظهم وأبناءهم.